قصه كامله
في ذاكرته حتى المۏت لم يكن لديه علم من قبل عن المعنى الحقيقي للحب سوى بين يديها.
نظر في الساعة التي تحيط رسغه وصاح مناديا
يا رقية يلا أتأخرنا.
خرجت من الغرفة بخطى ثقيلة والسبب يعود إلى بطنها المنتفخ من الحمل
يلا أنا جاهزة شوف منظري بقى شبه الكورة ببطني اللى بقت مترين قدام.
أطلق قهقهة وقال
اقتربت منه وتعلقت في ذراعه قائلة
عشان شايلة حتة منك.
قام بطبع قبلة فوق جبينها ثم أحاط وجهها بكفيه وبنبرة عاشق متيم أخبرها
انتي اللي بقيتي حتة مني وأنا كمان حتة منك.
ابتسمت وكأن الشمس قد أشرقت بنورها الساطع تخبره أيضا
عارف لو النونو طلع ولد هاسميه يوسف وبدعي ربنا إنه يكون نسخة منك والكل يضرب بيه المثل في الأخلاق والجدعنة.
ولو بنت هسميها على اسمك رقية يعقوب عبد العليم الراوي
أمسكت بأطراف أناملها مقدمة قميصه تسأله بدلال مازحة
هتحبها أكتر منى
حتة منك ومنى أكيد هحبها لكن القلب كله ملكك انتي انتي بنتي وبنت
قلبي.
أخبرها بتلك الكلمات التي حفرت على جدران مملكة العاشقين أجابت عليه من أعماق فؤادها المتيم به
احتضنها بقوة قائلا
أنا تخطيت معاكي مرحلة العشق يا روح وحياة يعقوب ربنا يبارك لي فيكي وما يحرمنيش منك أبدا.
وفي داخل السيارة يستمع إلى كلمات تتغنى بها كوكب الشرق تلك الشارة التي تذكره بأول يوم عمل لها لديه
رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا.
علموني أندم على الماضي وجراحه
اللي شفته قبل ما تشوفك عينيه
انت عمري اللي ابتدى بنورك صباحه...
يردد هذا المقطع وأنامل يده تتخلل أناملها وكل فينة والأخرى يطبع قبلة على ظهر يدها.
لم تمر سوى دقائق فالسعادة تدون بضع كلمات داخل معجم مليء بالحزن بينما كان شاردا في عينيها انتبهت هي إلى الشاحنة الكبيرة القادمة نحوهما فصاحت بفزع
حاسب يا يعقوب.
انتفض پذعر وحاول أن يتفادى الاصطدام يصيح بها بأمر
كانت السيارة تتأرجح يمينا ويسارا حاول التحكم في المكابح لكن لا تعمل سألته پخوف ذريع
فيه إيه يا يعقوب
الفرامل مش شغالة.
حوار قصير خلال ثواني معدودة انتهت بانحراف السيارة عن الطريق وانقلبت من الحافة أخذت تتدحرج عدة مرات متتالية حتى استقرت على جانبها كانت آخر ما رأت عيناه هي وتخبره بأنفاس متقطعة
فقدت الوعي في الحال وكان هو ليس أقل حال منها لم يستوعب عقله ما حدث ففقد الوعي أيضا.
و في وسط همهمات يكاد أن يسمعها وأشعة الشمس تخترق ما بين أهدابه كان ثقل جفونه يجبره على الاستسلام إلى النوم لكن قلبه أجبره على الإفاقة بعدما ذكره زوجته حاول جاهدا أن يفتح عينيه فرأى الممرضة تضبط من وضع كيس المحلول فسألها بلسان ثقيل للغاية
رقية فين
ردد ذلك السؤال مرارا وإذا به ينهض فجأة يتلفت من حوله مناديا
رقية يا رقية
أوقفته الممرضة لتخبره
حضرتك رايح فين ما ينفعش تقوم.
لم يكترث إلى تحذيرها فرأى إبرة المحلول المغذي متصلة بيده وذراعه الأخرى محاطة بالجبس ومرفوعة على حامل معلق حول عنقه وساعده يستند على صدره رفع يده المنغرسة بها الإبرة وقام بجذبها بأنامل يده المصاپة بصعوبة بالغة.
جاء الطبيب إليه ليوقفه عما يفعله
حضرتك رايح فين انت لسه تعبان وفى جسمك إصابات.
دفعه يعقوب من أمامه پغضب
أوعى من وشي فين مراتي
وكاد أن يخرج من باب الغرفة أوقفه حديث الطبيب وكانت أقسى الكلمات التي سمعها طوال حياته
المدام اللي جابوها معاك دخلت العمليات الدكاترة حاولوا ينقذوها هي والجنين أنقذوا الجنين ودخلوه الحضانة لكن مع الأسف كانت هي إصابتها قوية وحصل لها ڼزيف في المخ البقاء لله.
يقف الآن خلف الزجاج ويرى ولده الذي كتب عليه أن يولد لطيما استند يعقوب بيده على الزجاج ونظر إلى المولود بعينين تجمعت بداخلهما الدموع فتساقطت أول دمعة وانزلقت على خده يتذكر آخر لحظاته مع معشوقة فؤاده والتي لم يحب سواها جاءت وذهبت في لحظات وكأن عمره ينحصر في تلك الفترة فقط.
أنا وانت يا بني بقينا زى بعض من غير أم كانت حبيبتي ومراتي وأمي.
حضرتك والد الطفل اللي والدته جات في حاډثة
انتبه إلى سؤال الممرضة ألتفت إليها وهز رأسه بالإيجاب فسألته وفي يدها قلم وتقرير طبي
حضرتك هتسميه إيه
عاد ببصره إلى صغيره وأجاب
يوسف يعقوب عبد العليم الراوي.
نتجاوز المحڼ والصعاب مع مرور الزمان لكن هناك ما يترك ندبات فى القلوب لم يستطع الزمن أن يمحوها و تظل ذكرى ترافق المرء حتى تصعد الروح إلى الرفيق الأعلى.
بعد مرور واحد وعشرين عاما...
تسير بين المارة تتلفت من حولها ثم توقفت وانعطفت إلى حارة متفرعة من الشارع ولجت إلى داخل متجر لبيع قطع غيار الهواتف وتصليحها
حمزة يا حمزة
تناديه ولم تجد ردا منه ترددت أن تعبر هذا الباب الذي يؤدي إلى غرفة ملحقة بالمتجر وجدته منهمكا في عمله ولم يرفع عينيه حتى للنظر إليها نظرت إلى ملامحه التي تعشقها فكان ذو بشړة أقرب إلى لون الحنطة و فك عريض