الإثنين 25 نوفمبر 2024

فارسي

انت في الصفحة 16 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز


صالحها كما قال أم يتهرب منها ومن مشاكلها التى غطت أذنيه منذ عملهما معا كانت تريد أن تختلى بنفسها قليلا بعيد عن أعين الناس نهضت وأخذت حقيبتها وبدون أن تستأذن للأنصراف خطت بسرعة خارج المكتب مسرعة لا تعبأ بالسؤال عنها حين ملاحظة غيابها كانت مرتبكة قلقة تتردد كلماته على قلبها قبل عقلها فحثت السير أكثر كأن شبحا يطاردها.

تقوقعت نورا فى فراشها وهى تحتضن قدميها إلى صدرها وتفكر فيما قاله لها اليوم وتفكر فيه بعمق وتحادث نفسها قائلة
مش عارفه معاه حق ولا لاء .. أنا فعلا فى الأول كنت بتكلم معاه على أنه زميلى وبس لكن مع كل مشكلة كان بيحلهالى كنت بحس أنه هو ده اللى بدور عليه ..وكنت بندم على أنى مقابلتوش قبل خطيبى وقبل ما نكتب الكتاب
أستلقت على أحدى جنبيها وألقت رأسها على الوسادة وهى تفكر فى حل لما وقعت فيه بدون أرادة منها وقالت بضيق 
ياريتنى كنت حكيت لبنت زيى على الأقل كنت هفضفض معاها من غير ما يحصل اللى حصل ده جوايا
تململت فى الفراش كتململ العصفور المبلل بماء المطر حتى استسلمت للنوم وقد قررت أن تقف مع نفسها بحسم وتصرف عن قلبها صورة فارس الهلامية التى صنعتها له بيديها صورة الرجل الذى لا يخطىء أبدا وتضع مكانها صورة خطيبها وحبه لها لتجعل منه مددا لها لعلها تفيق مما هى فيه وتشعر بهذا الرجل الذى أهملته كثيرا بأوهامها السابقة.
كان فارس يجلس بمكتبه حين سمع جلبة بالخارج حرك جسده قليلا وهو يحاول النظر من الباب المفتوح أمامه فرأى رجلا يصيح بعصبية قائلا
ده مش أسلوب معاملة.. أومال مكتب كبير واسم كبير وخلاص .. وكل ده على الفاضى ومش عارفين تخلصولى حتة قضية يخلصها محامى صغير
هب فارس ناهضا وأثناء خروجه وجد الدكتور حمدى يدخل حجرة مكتبه ويغلق الباب فى وجه الرجل بحدة مما جعل الرجل يشتعل ڠضبا أكثر ودنيا ونورا يتابعان ما يحدث عن كثب وبعض المحامين يحاولون التحدث للرجل للرحيل بسلام ودون أثارة المشاكل ولكن كان منفعلا بشدة فلم يستجب لأحد
حاول فارس
تهدأته وعرض عليه الجلوس فى مكتبه ليتفاهم معه ومحاولة أصلاح الأمر بصفته مدير المكتب أستجاب الرجل ودخل حجرة فارس
جلس فارس أمامه على المقعد المقابل له ولم يجلس خلف مكتبه ليستطيع التعامل معه ومع انفعاله وهو يقول 
أهدى بس حضرتك وقولى أيه الحكاية بالظبط
هدأ الرجل قليلا ثم قال متهكما
حتة قضية شرعى صغيرة قد كده.. يخلصها أى محامى صغير ..جيت للدكتور بتاعكوا وقلت أسم وسمعه وهيخلصها قوام قوام.. لقيته بيرمى الملف ويقولى شفلك محامى غيرى وطردنى من مكتبه
قام فارس بتهدأته مرة أخرى ثم قال
ممكن الملف بعد أذنك
أستند فارس لظهر مقعده وهو يقلب فيه سريعا ثم قال بدهشة
والدكتور رفض القضية ليه .. دى قضية طلاق عادية جدا
قال الرجل متهكما
أديك قلت.. قضية طلاق عادية جدا ..
مال فارس للأمام وهو يتفحص الرجل وقال بجدية وهو يتكأ بمرفقيه على ساقيه والملف بين يديه
ممكن حضرتك بس تجبلى الموضوع من الأول كده علشان افهم واقدر افيدك
طلقت مراتى وراحت بيت ابوها بالعيال ..رفعت عليا قضية نفقة ليها وللعيال ومؤخر بقى وقايمة والذى منه
حثه فارس على المتابعة قائلا
وبعدين
ولا قابلين .. واحد صاحبى ليه تجربة فى الموضوع ده قبل كده ... شار عليا أنى لو قلت عليها انها ماشيها
بطال وجبت شهود وأدله على كده كل حقوقها هتسقط ومش هيبقى ليها حاجة عندى غير نفقة العيال بس
قطب فارس جبينه بشدة وقال مستفهما
وأنت فعلا عندك شهود على كده
ضحك الرجل بسخرية ثم قال
أهم مرمين على القهوة قدام المحكمة مش لاقين شغلانة .. كل واحد عشرين جنية و تحفظه كلمتين وخلصت خلاص
شعر فارس بالډماء تغلى فى رأسه ولكنه حاول ضبط أعصابه والتحكم بها وهو يقول
شهود زور يعنى !!
زور ولا مش زور .. المهم الوليه دى متخدش منى حاجة إلا بمزاجى
صمت فارس قليلا ثم قال بعد تفكير
وتقبل أن مراتك ام ولادك سمعتها وشرفها يبقى في بؤ كل واحد شوية وانت عارف ومتأكد أنها ست شريفة وكل ده علشان ايه ..علشان خاطر انت مش عاوز تديها حقوقها اللى ربنا أمرك بيها وأستحلتها كزوجة بعد ما وافقت عليها ومضيت على كده
زفر الرجل فى ضيق وهتف به
بقولك ايه يا أستاذ انا مش جاى هنا اسمع مواعظ ..هما كلمتين هتظبطلى القضية دى ولا مش هتعرف
ثم أردف مسرعا 
ولو وافقت ليك عليا هتعامل معاك من بره بره من غير الدكتور بتاعك ما يعرف وأتعابك هتبقى ليك لوحدك ...ها قلت ايه
أبتسم فارس وهو يقول
قلت أن حضرتك مقرتش اليافطة اللى على المكتب بره كويس ...ده مكتب محاماة مش شقة ډعارة
نظر له الرجل بدهشة وقد بدت علامات العبوس على وجهه فتابع فارس قائلا
أه والله مش مصدق ولا ايه ...ماهوأنا لو وافقت على اللى بتقوله يبقى مراتك دخلت عندنا شريفة وطلعت من عندنا مشيها بطال ...تبقى شقة ډعارة ولا لاء
ثم هب واقفا وهو ينظر للرجل باحتقار وقال بهدوء
أتفضل حضرتك شوفلك حد تانى يلوث سمعت ام ولادك .. ولو كمان كسبت القضية تبقى علمت على عيالك انهم ولاد حرام وفضحتهم قدام الناس كلها وضيعت مستقبلهم.. وكمان بقى عندك بنات شوف مين اللى هيبصلهم بعد كده.. وخلى بالك انت كده بتقذفها فى شرفها وكمان بشهود زور.. يعنى حسابك عند ربنا مش بس عقۏبة القڈف لالا دى كمان شهادة زور والتحريض على شهادة الزور
وغمزله بعينيه وهو يتابع
يعنى حسابك هيتقل أوى يا باشا وبلغة القانون الوضعى ..أعدام .. والأعدام بتاع الآخرة ..على جنهم عدل
ظل الرجل ينظر لفارس ويحدق به وهو يتحدث حتى انتهى من حديثه ثم جذب الملف من يده وهو يشعر بالتوتر من كلماته والإرتباك وقال متلعثما وهو يغادر بسرعة 
أنا مش فاهم .. مكتب محاماة ده ولا جامع
أنصرف الرجل وجلس فارس خلف مكتبه وهو يضع رأسه بين كفيه قائلا بأسى
لا حول ولا قوة الا بالله .. معقول توصل للدرجة دى
دخلت دنيا مسرعة وقالت بلهفة
أيوا كده يا فارس هو ده الشغل ..ها ظبطت الراجل وهتشتغلها لحسابك صح ..
رفع رأسه إليها وهو يقول بحزن
لاء طبعا يا دنيا اصلك متعرفيش الراجل ده كان عاوز ايه
قطبت جبينها وقالت ضيق
ليه يا فارس ليه.. دى فرصة جات لحد عندنا كنت هتطلعلك منها بكام ألف
أبتسم ساخرا وهو يقول
حتى لو كانوا كام ألف حرام
صمتت وهى تنظر إليه بدهشة ودخلت نورا لتخبره أن الدكتور حمدى يطلبه ولكنه لم ينتبه لها وهو يقول
الراجل طلق مراته وعاوز يدعى عليها انها ماشيها بطال علشان ميديهاش حقها لاء وكمان هيجيب شهود زور على كده ..
وهز رأسه متهكما وهو يقول
لاء ويقولى خد القضية لحسابك ...فاكرنى على آخر الزمن هاكل حرام
صمتت دنيا تفكر فى كلماته فبرغم شعورها بالحنق تجاه رفضه للقضية إلا أنها لم تستطع أخفاء شعورها بالأعجاب تجاهه لم تكن هى الوحيدة التى أعجبت به بل كانت نورا أيضا التى كانت تقف تنظر إليه باحترام شديد حانت منه التفاتة إليها انتزعتها
من أفكارها وقالت بسرعة
الدكتور حمدى عاوزك فى مكتبه
نظر فارس إلى وجه الدكتور حمدى فوجده مازال محتقنا بالډماء من كثرة غضبه وانفعاله فقال
أهدى يا دكتور الراجل مشى خلاص
قال الدكتور حمدى بعصبية وهو يضرب سطح المكتب بقبضته 
شفت الراجل الوقح ده كان عاوز ايه
أومأ فارس مجيبا وهو يقول
أيوا يا دكتور وعموما أنا اديته اللى فيه النصيب ومشى
نظر إليه حمدى مستفهما فقال فارس
أديته كلمتين فى عضمه يمكن يفوقوه ويفكروه ان فى آخره وعذاب وحساب من ربنا
ضړب حمدى كفيه ببعضهما وهو يهتف متعجبا
لاء ومش دى المصېبة يا فارس .. المصېبة أنى كنت فاكر انى مشغل معايا ناس عندهم ضمير لكن للأسف الكام محامى اللى شفتهم بره بيهدوه كانوا موجودين ويقولولى وفيها ايه يا دكتور ده شغل ..تخيل يا فارس انا على أخر الزمن اشتغل بالطريقة دى
نهض فارس واقفا بقلق وهو يقول
أنا هروح اجيب لحضرتك كوباية ماية
أشار إليه حمدى مستوقفا أياه وهو يقول
لا متقلقش يا فارس..أنا خلاص هديت وبقيت كويس متقلقش
ثم زفر وهو يعيد ظهره إلى الوراء ويستند إلى ظهر كرسيه وهو ينظر لفارس قائلا 
الحمد لله أنا كده اتأكدت أنى اخترت صح من الأول
أنتهت نورا من عملها وانصرفت من المكتب وما إن هبطت للأسفل حتى
وجدت خطيبها رامى ينتظرها أمام البناية داخل سيارته الصغيرة أبتسمت ابتسامة صغيرة واستقلت السيارة بجواره فانطلق بها وهو يقول
وحشتينى يا نورا .. شكلك مرهق أوى النهاردة
نظرت له وقد بدا عليها الإرهاق بشدة وهى تقول
ما أانت عارف يا رامى شغلنا متعب أزاى
أنا مش عارف أيه اللى جابرك على كده .. منا قلتلك كفاية بقى من زمان بس انت اللى مصممة تشتغلى مش عارف ليه ..كان يتوقع أن تتكلم بحدة كعادتها عندما تأتى سيرة عملها ولكنها هذه المرة
قابلت الحديث بصمت وهى تستند برأسها للخلف وتقول
هبقى افكر فى الموضوع ده تانى
أغمضت عينيها باسترخاء ولكن فجأة فتحتهما وكأنها تذكرت شيئا وقالت باهتمام
عاوزة آخد رأيك فى حاجة مهمة
قولى يا نورا انا سامعك
قصت عليه ماحدث فى المكتب اليوم من شد وجذب مع هذا الرجل ولكنها لم تذكر له رد فعل فارس واكتفت بما فعله الدكتور حمدى ثم قالت تختبره
أنت أيه رايك يا رامى.. لو كان الراجل ده عرض عليا القضية أشتغلها لحسابى أوافق ولا لاء 
قال بسرعة وبدون تفكير
لاء طبعا ده راجل معندوش ډم ولا ضمير.. كويس أن الدكتور حمدى طرده بس .. ده لو كنت انا كنت طبقت فى زمارة رقبته
قالت ببطء
حتى لو كان هيدفعلى الفلوس اللى انا عاوزاها
قال بضجر
حتى لو كان هيدفع مال قارون دى هتبقى فلوس حرام
أبتسمت نورا وهى تسترخى بجسدها بالكامل للوراء وتسائلت لماذا إذن لم تكن ترى خطيبها يحمل تلك المشاعر النبيلة والضمير اليقظ من قبل هل لأنها لم ترى إلا فارس فقط أم لأنها كانت تحكم على رامى مسبقا دون أن تعرف شيئا عنه أو تحتك به عن قرب كما كان يحدث هذا يوميا مع فارس تعددت الأسباب والحكم واحد فى النهاية لا تعلم لماذا بدت صورة فارس أمام عينيها تتلاشى لتحل محلاها صورة رامى الجالس بجانبها خلف عجلة القيادة حانت منه التفاتة إليها فرأى نظرات الحب التى لم يرها أبدا فى عينيها منذ أن عقد قرانها فأوقف السيارة جانبا وظل ينظر إليها بحب وشوق لتلك النظرة المطلة من عينيها فقالت 
وقفت العربية ليه يا رامى
أبتسم وهو يقول
أصل انا معرفش أحب واسوق فى نفس الوقت بصراحة
عاد فارس لمنزله سريعا بعد صلاة الظهر ليلحق بميعاد الغذاء مع والدته
 

15  16  17 

انت في الصفحة 16 من 59 صفحات