السبت 30 نوفمبر 2024

فارسي

انت في الصفحة 44 من 59 صفحات

موقع أيام نيوز


لحد دلوقتى ..
ثم مال عليه قليلا وقال 
مفيش غير واحد صاحبى ربنا بعته لينا هناك وهو اللى جابنا هنا
نقل الدكتور حمدى بصره بين فارس ووالدته وقال موجها حديثه لفارس 
هو انت فى عداوة بينك وبين حد معين يا فارس
أعتدل فارس وهو يفكر بتركيز شديد ثم قال 
أنت
عارف شغلنا يا دكتور ممكن يبقالك أعداء مش راضين عن طريقة شغلك لكن حتى

لو فى عداوة معتقدش حد يفكر يبهدلنا بالشكل ده
نظر الدكتور حمدى لوالدته نظرة ذات معنى ثم قال 
غريبة
حاولت أم فارس تغير مجرى الحديث قائلة 
على فكرة.. عمرو ومهرة بره وبيسلموا عليكوا أوى
نظر بلال إلى أم فارس قائلا 
أيه ده بجد وعمرو جاله قلب يرجع هنا تانى
نظر له فارس وابتسما سويا فى وقت واحد ولكن فارس تغيرت ملامحه وانتبه فجأة وهو يلتفت لوالدته متفاجأ وقال
وأيه اللى جاب مهرة هنا يا ماما .. إزاى تجيبيها معاكى يا ماما بس
تابع بلال الحديث باهتمام عندما قالت أم فارس 
والله يابنى أنا وعمرو غلبنا فيها واتحايلنا عليها كتير تستنى فى البيت .. بس هى اللى كانت مصممة تيجى تشوفك وتطمن عليك.. حتى لما عرفت أنها مش هينفع تدخل علشان مش من قرايبك برضة صممت تيجى وقالت هستناكوا بره ..
ثم نظرت إليه نظرة ذات معنى وهى تقول 
حتى علاء معرفش يمنعها
ألتفت بلال إلى فارس الذى ظهر الضيق على وجهه وهو يقول 
مكنش ينفع تيجى يا ماما ..كان لازم انت اللى تمنعيها مش الواد اللى اسمه بتاع ده
أبتسمت والدته وهى تقول قاصدة 
اذا كانت مخافتش من تهديده بالطلاق وصممت تيجى معانا حتى لما طلقها ولا همها حاجة ونزلت وسابته واقف يرن
عقد فارس ما بين حاجبيه وهو ينظر فى عينيها التى كانت تحمل معانى كثييرة وقال ببطء 
طلقها .... !!
نظرت إلى عينيه وهى تقول 
ايوا طلقها
ثم قالت مؤكدة 
كل ده علشان تجيلك
ألقى بلال نظرة سريعة على فارس ثم أعاد رأسه إلى والدته وأكمل حديثه الخاص معها تاركا فارس فى حيرته ...أمسكت والدته يده بشكل تلقائى حتى لا يلاحظ أحد ووضعت الصورة المطوية فى راحت يده ثم همست له وهو ينظر ليده بدهشة 
وباعتالك الصورة دى
قبض فارس على الصورة المطوية داخل قبضته ثم تابع حديثه مع الدكتور حمدى بشكل طبيعى ولكن عقله كان يعمل فى أتجاه آخر ...
أنتهت الزيارة وتفرق الأحرار فمنهم من خرج لعالمه ومنهم من عاد لجدران سجنه الكئيبة ... جلس فارس على فراشه وأخرج الصورة من راحته وفتح طياتها بهدوء ...نظر إلى الصورة وابتسم ..كانت ملامحهما المشاكسة فى الصورة كفيلة بجلاء صدره من أى هم وحزن يعتمل به... طفلة وصبى يتشاكسان بطريقتهما الخاصة ... أتسعت ابتسامته وهو يتأمل فى الصورة ..جلس بلال بجواره وهو ينظر لابتسامته الواسعة التى احتلت شفتيه ثم مال عليه وقال بخفوت 
مش هتقرى الرسالة اللى ورا الصورة دى
قلب فارس الصورة على الجانب الأبيض منها ومرر عينيه بين سطور كلماتها وهو يتمتم هامسا بما خطت يدها الصغير ...قرأها مرة ثانية وثالثة فى صمت ما إن تصل عينيه إلى آخر كلمة فيها حتى تعود إلى أولها من جديد محاولا فهم ما بين سطورها بصعوبة شديدة
وضع بلال يده على ذراع فارس وهو يقول بخفوت 
ها يا فارس
رفع رأسه إليه وقال بعينين حائرتين 
نعم !
أقترب بلال منه أكثر وقال هامسا
أنت قولتلى من كام يوم انك هتنفصل عن مراتك بس مقولتش أيه السبب ساعتها
حاول فارس استجماع شتات نفسه الحائرة وهو يقول
مشاكل يا بلال ... مشاكل مالهاش دوا .. ومش هينفع يبقى ليها حل غير الانفصال وعموما أحنا متفقين على كده من زمان وهى موافقة ومرحبة كمان .. الموضوع منتهى خلاص
نظر بلال إلى عينيه بعمق وقال بجدية 
مهرة ليها علاقة بالمشاكل دى 
رفع فارس حاجبيه متعجبا من سؤاله وهو يقول 
وأيه علاقة مهرة بالموضوع ده
حرك بلال رأسه بلامبالاة وهو يقول 
يعنى ممكن تكون مراتك أصلا مضايقة من اهتمامك بمهرة واهتمام مهرة بيك
تبسم فارس ساخرا ثم قال 
لالا الموضوع مش كده خالص الحكاية أكبر من كده بكتير
ثم نفض رأسه وهو يقول بثقة 
وبعدين يعنى اهتمامى بمهرة شىء عادى.. ده انا اللى مربيها وهى بتعتبرنى مثلها الأعلى فى الحياة
نظر إلى التوقيع وأشار إليه بأصبعه وهو يقول له 
شايف موقعة أيه تحت ... الفارس الصغير
أبتسم بشرود وهو يقول بإعجاب 
طول عمرها بتحب تقلدنى من وهى عندها سنتين
وأردف ضاحكا وهو يكمل حديثه بشجن 
عارف يا بلال لما بقى عندها تلات سنين كانت بتشد التيشرت بتاعى من دولابى وتقعد تلبس فيه ساعة لحد ما تنجح تلبسه فى الآخر.. ويبقى طويل عليها وتقعد تتكعبل بيه وهى ماشية ..
وتبسم ضاحكا وهو يقول 
أصلها طول عمرها أوزعة ... وبرضة مكنتش بتحرم أبدا.. ترجع تاني تلبس قمصانى وهدومى
أبتسم بلال رغما عنه بتأثر وهو يخفى ضحكاته الخاڤتة ويستمع إلى نبع ذكرياته المتدفق قائلا
مفيش يوم كنت برجع فيه من بره إلا والاقيها واقفالى على السلم مستنية العسلية والحلويات بتاعتى
ألتفت إلى بلال وهو يقول مؤكدا
ولعلمك هى رغم حبها للحلويات والعسلية لكن عمرها مااخدتها من حد غيرى أبدا
ثم شرد مرة أخرى ناظرا للفراغ وقال 
هى كده على طول فى كل حاجة .. مبتسمعش كلام حد غيرى مبتستناش هدايا غير مني عمرها ما فرحت بهدية قد ما تكون هدية انا اللى جايبهالها علشان كده لما كانت تعبانة بعد ما اتجوزت دنيا كل اللى فكرت فيه ساعتها انى
أجيبلها هدية علشان افرحها بيها ... ساعتها مجاش فى بالى خالص انى مينفعش أجيبلها هدية دلوقتى كل اللى كان فى بالى انى أدخل السعادة على قلبها وبس .
ظهر الضيق على ملامحة فجأة ويتابع حانقا 
المرة الوحيدة اللى مخدتش رأيى
فيها فحاجة تخصها ..هى المرة اللى وافقت فيها على الواد اللى اسمه علاء ده .. ومش عارف ليه عملت كده .. يمكن اتكسفت ..مش عارف
حرك بلال رأسه بتعجب شديد ومال للأمام وهو يضع يده على الصورة بين يدى فارس قائلا
أنا مش عارف ازاى راجل ناضج زيك عنده 28 سنة ومش قادر يحكم على مشاعره ويفهمها صح ..
ونظر إلى عينيه بثقة وأردف قائلا 
شوف يا فارس انا واخد بالى من الحكاية دى من ساعة ما مهرة تعبت يوم جوازك وانت مكنتش عاوزنى أدخل اشوفها.. ومن ساعة ما كانت واقف قدام قاعة المناسبات وعروستك قاعدة فى العربية مستنياك وانت مش عاوز تسافر وتسيبها تعبانة لوحدها .. وحكاية ضړبك لعلاء على السلم مكنش علشان شوفته بيتعامل معاها وحش وبس لاء ..
قال كلمته الأخيرة ونظر بعمق داخل عينيه وهو يقول 
أنت كنت غيران منه .. ومستنى أى فرصة علشان تعمل فيه كده وتفش غلك فيه .
أتسعت عينيى فارس وهو يستمع إلى بلال الذى تابع قائلا 
أنا من وقت ده ما حصل وانا كنت بفكر اقولك بس كنت متردد انى افتح معاك الموضوع ده .. أولا لأنى مكنتش اعرف حكاية الطلاق اللى انت ومراتك كنتوا متفقين عليها دى وخصوصا كمان انها مجاتش
النهاردة مع والدتك وانت مسألتش عليها .. ثانيا أنها كانت وقتها متجوزة هى كمان ومكنش ينفع بأى حال من الأحوال نجيب سيرة واحدة متجوزة فى كلام زى ده ... رغم أنى كنت متأكد من مشاعرها ناحيتك .
هتف فارس قائلا بحيرة ممزوجة بلهفة واضحة 
يعنى أيه عرفت مشاعرها ناحيتى 
أبتسم بلال وهو يرفع حاجبيه قائلا 
هقولك يا سيدى .. يوم فرحك لما كانت تعبانة وسخنة وانا دخلت أشوفها هى حمى ولا سخونية عادية ..كانت بتهلوس باسمك وبتقول متسبنيش يا فارس.. بس صوتها مكنش باين وامها من كتر العياط اللى كانت بټعيطة مكنتش واخدة بالها.. لكن اللى انا متأكد منه أن والدتك خدت بالها هى كمان زيى بالظبط .
أخذ بلال نفسا عميقا يملأ به رأتيه وقد شعر أنه بلغ جهدا مضنيا وهو يحاول أن ينتقى كلماته وفى نفس الوقت يقرأ ملامح فارس وردود فعله السريعة الواضحة التى كانت تظهر عليه على أثر كلماته ثم زفر ببطء وقال 
وأظن بقى بعد كل اللى حصل ده وبعد ما هى اطلقت وانت كمان هتسيب مراتك زى ما قولتلى يبقى مينفعش بعد كده غير الحلال .
شد على يده وهو يقول بجدية 
عجل بالحلال يا فارس أول ما تخرج من هنا إن شاء الله ...أنا لولا انى عارفك وعارف أخلاقك مكنتش قلتلك كل ده وكنت خفت عليك من تصرفاتك ومشاعرك معاها.. لكن انا علشان عارفك كويس وعارف انت هتعمل أيه لما اصارحك بمشاعرك دى ..قولتلك ونبهتك وعارف انك هتاخد الخطوة الصح
نظر فارس لبلال بدهشة وهو يتابعه بعينيه وبلال ينهض واقفا ويقول مداعبا 
أصلا انتوا بصراحة حالتكوا صعبة أوى مينفعش فيها غير الحلال
تركه بلال واتجه إلى فراشه وفارس مازال يتبعه بعينيه فى حالة ذهول شديدة يقاومة عقله بشدة وهو يتردد داخله كلمات بلال ..
خفض رأسه إلى الصورة مجددا ومرر عينيه على حروفها ثانية لتتسلل إلى عقله وتفتح أبوابه المغلقة ليهرع قلبه إلى أجراس عقله يدقها فى صخب عڼيف مناديا مستصرخا ثائرا قائلا
أيا عقلى فصدقه حبيسا بين قضبانى ... أنا المسجون لو تعلم وأنت الآن سجانى
ضممت حبيبتى دوما سنينا بين جدرانى .. فكيف الآن تأمرنى بكبح جماح وجدانى
فدعنى أنطلق شوقا إلى سكنى وعنوانى ... ودعنى أرتوى عطشا وأسكن نهر بستانى
فلا تعجب على قلب كنت أظنه ينسانى ... فرسم اليوم لى نبضا فأصبح كل ألحانى
و خط اليوم لى شعرا فأطربنى وأشجانى ...وأرسل لى بصورته فأيقظنى وأحيانى
صفعت صڤعة قوية أردتها إلى صدر أمها وهى تبكى بشدة ووالدها ېصرخ بها مهددا 
أطلقتى يا مهرة ..أتطلقتى .. وعلشان أيه ..علشان عاوزة تمشى كلامك على جوزك علشان دماغك ناشفة وعاوزة تتكسر ستين حتة ..أنا بقى هكسرلك دماغك دى وهرجعك لعلاء ڠصب عنك
هتفت أمها باكية وهى ترجوه قائلة 
مش كده يا ابو يحيى حرام عليك البت ھتموت فى أيدك
صړخت مهرة وهى تشهق بقوة وتلتقط أنفاسها بصعوبة
مش هرجعله حتى لو قطعتنى مش هرجعله حرام عليك يا بابا أنا بكرهه بكرهه حرام عليك
جذبها من شعرها إليه بقوة جعلتها تصرخ بشدة من الالم ونظر إلى عينيها بتحدى هاتفا پغضب 
ماهو يا ترجعيله يا هحسبك هنا فى البيت ..مفيش محاضرات .. مفيش جامعة ولا دراسة تانى من أساسه .. وأبقى شوفى بقى دماغك الناشفة دى هتوديكى لفين ..
لم يكتفى بألقاء توعده لها فقط وأنما ألقاها هى الأخرى
پعنف وقوة جعلتها ترتطم بالجدار لتسقط مغشيا عليها فى الحال .
كانت الساعة الثامنة صباحا وبدت قاعة محكمة الجنايات خاوية إلا من بعض المنتظرين لقضاياهم التى سوف تنظر
اليوم .. وكان من بين هؤلاء محامى المجنى عليها الذى جلس فى الصف الأمامى وقد شرد بعقله قليلا وهو يتذكر اليوم
 

43  44  45 

انت في الصفحة 44 من 59 صفحات